حياتي مع بيكاسو سيرة ذاتية لـ فرانسواز جيلو - كارلتون ليك |
لـ فرانسواز جيلو - كارلتون ليك
للتحميل : اضغط هنا
عن الكتاب : هو ليس مجرد فنان عبقري مبدع يُعد أيقونةً أصيلةً في عالم الفن الحديث بثورته الشاملة وانقلابه الرائد فيما يتصل بالرسم التشكيلي. بابلو بيكاسّو(1881_1973) أحدث نقلة حقيقية حتى في طبيعة التأثير الذي يمكن أن يمارسه المبدع في مجتمعه؛ ففي لوحته «غيرنيكا» وثّق إبداعيًا تدمير بلدة «غيرنيكا» أعرق مدن الباسك الإسبانية من قبل قاذفات القنابل الألمانية الموالية للجنرال فرانكو عام 1937، وأصبحت هذه اللوحة التي رسمها الفنان على عجل أشهر لوحة في القرن العشرين؛ فقد عُدّت احتجاجًا دائمًا ضد فظائع الفاشية بصورة خاصة وضد الحرب الحديثة بصورة عامة، كما يذكر مؤرخ الفن الحديث البريطاني جون بيرجر الذي سنعود إليه بعد قليل للحديث عن كتابه عن بيكاسّو.
كتبت فرنسواز سيرة بيكاسّو من منظورها الشخصي الذاتي، وأسهم كارلتون ليك في صياغتها. يقول ليك عن عملهما المشترك من خلال عملنا عليه، كنتُ شديد الإعجاب بقدرتها(فرانسواز) على التذكر إلى الحد الذي يمكن أن ينطبق عليها مصطلح «الاستذكار الشامل» الذي أُسيء استخدامه إساءة بالغة، لقد أدركت فرنسواز بكل دقة ما قالته وما قاله بيكاسّو، في كل خطوة على مدى السنوات العشر، أو ما يزيد قليلاً، التي قضتها معه، وكانت الأقوال المباشرة التي أدلى بها بيكاسّو، متطابقة تمامًا مع ما قالته.
أثار هذا الكتاب انزعاج بيكاسّو فور صدوره عام 1964، وهو العبقريّ القلق متقلب المزاج الشكّاك الملول فصيح اللسان الذي لم يتوقف عن محاربة الزمن والأعراف التقليدية، ولم يتوقف عن الإبداع كما تصفه مترجمة النسخة العربية من الكتاب مي مظفّر. وهذا الكتاب يعد توثيقًا فنيًا دقيقًا لحقبة مهمة من حياة بيكاسو: بيكاسو الفنان والعاشق والأب. بيكاسّو الذي صارح فرنسواز قائلاً: «وظيفتك البقاء إلى جانبي، وتكريس نفسك لي وللطفلين، وسواء كنت سعيدة أم تعيسة أمر لا يعنيني على الإطلاق، وإذا كان وجودك هنا يوفر السعادة والاستقرار للآخرين، فذلك جلَّ ما عليك أن تنشديه».
وبعد عشر سنوات من حياتها الشابة قررت فرنسواز التمرد والخروج من عباءة بيكاسّو وظله الذي كانت محاصرة به. وفي لحظة كانت فيها على مفترق طرق قررت الرحيل للبحث عن فرنسواز الحقيقية المبدعة التي غيبّها حضور بيكاسّو وهيمنته الطاغية.. صارحته بالانفصال وحينها خاطبها بلغة رسمية قائلاً: «أنتِ مدينة لي بالكثير، وأظن بأنك هكذا تريدين أن تقدمي شكرك لي، حسنًا، لديّ شيء واحد أقوله لك، ستجدين أخطائي في كل رجل آخر، ولن تجدي لديه أيّا من فضائلي، وآمل ألا تجدي غير الخيبة أيتها المخلوقة الجاحدة». تقول فرنسواز: «كان يرتدي ساعة يد كنت أهديتها له»، فسحبها من يده وأعادها إلي قائلاً: «لم يعد زمنك زمني».
بعد سنة من هذه الحادثة قررت فرنسواز الاستقرار فتزوجت من رسَّام شاب هو لوك سايمون عرفته منذ سنوات المراهقة واستمرت في إبداعاتها التي عُرِضَتْ في متحف «الفن الحديث» في باريس ومتحف «الفن الحديث» في نيويورك. لا شكَّ أن لبيكاسّو بصمته العميقة في فن فرنسواز جيلو، ولكن كان لتجربتها العاطفية معه وطأة ثقيلة جعلتها وهي المرأة الذكية تفقد كينونتها وحضورها الشخصي لتتماهى مع بيكاسّو!!! وقد كان قرار انفصالها الشجاع والجريء قرارًا لا بدَّ منه كي لا تموت روحها المبدعة المشتعلة وتنطفئ. في حكاية فرنسواز أليجوريا عميقة ورمزية جدًا وهي أليجوريا المرأة المبدعة عندما تنسى إبداعها وتميّزها فتندغم في حضور طاغٍ يفقدها اختلافها!! لقد أدركت فرنسواز بعد خبرة مؤلمة أن زمن بيكاسّو لم يكن زمنها، ولا أعني بالزمن هنا الزمن الفيزيائي وإنّما أعني الزمن النفسي بكافة تلاوينه. وأتساءل: هل كان بيكاسّو بطبيعته الصعبة قادرًا على تشريح حياته في كتاب.. بيكاسّو الذي كان يخبئ شعيرات رأسه بعد أن يقصها الحلاق خوفًا من أن يؤذيه أحد ما بأعمال سحر أو شعوذة.. بيكاسّو الملول وبيكاسّو القلق والنزق وزير النساء..رجل المنتاقضات جميعها! ويبقى هذا الكتاب غوصًا في أعماق مجهولة ومسكوت عنها في حياة هذا العبقريّ الخلافيّ!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق