اجتماع شمل العائلة .. مسرحية لـ ت.س.اليوت |
لـ ت.س.اليوت
للتحميل : اضغط هنا
عن الكتاب : اجواء مشحونة بالغضب والعنف الروحي تؤدي الى التفكير بالقتل. احداث تضمنتها فصول مسرحية (اجتماع شمل العائلة) للكاتب ت. س. اليوت والصادرة عن دار (المدى) للثقافة والنشر بترجمة محمد حبيب. الوجه المصغر عن لندن نراه مجسداً في الطبقة الارستقراطية. يواجه هاري مشكلة روحية عميقة تجعل الجميع يصفونه بالمجنون لعدم قدرتهم على فهمه.
ترفع
الستارة عن حفلة عائلية لايمي دوجر السيدة مونشنسي تحتفل بعيد ميلادها
الستين في ويش وود موقع قرية العائلة شمال انكلترا، والتي سيطرت عليها ايمي
اربعين سنة منذ زواجها من السيد مونشنسي والذي كان زواج مصلحة خاليا من
الحب، فولد الشر والتعاسة. عاش الزوجان فترة عصيبة مع بعضهما في ويش وود
باردين ووحيدين من أجل الحفاظ على الأسلوب التقليدي للنبلاء، اسلوب كانت
غايته دائماً تهميش السعادة الشخصية لصالح العائلة واستمرارها في منزل ذي
لقب متوارث. لكن بعد ثلاث سنوات يشتعل الزواج ناراً بسبب عدم الانسجام،
وكانت ايمي بطبيعتها اماً متسلطة فقد ولدت هاري في وقت لم يكن زوجها راغباً
فيه إذ صار يتملص منها. وشهد ذلك الصيف من عام 1914 مجيء اجاثا اخت ايمي
لتمضي اجازتها في ويش وود، وسرعان ما وقعت بحب صهرها الذي بادرها المشاعر
نفسها، لكنهما ادركا ان حبهما لن يكون حقيقة فافترقا، وعادت اجاثا الى
حياتها الاكاديمية. بعد سبع سنوات ولد لهاري اخوة جون وآثر، لكن مونشنسي
هجر زوجته وسافر الى الخارج وذوى في عزلة حتى قيل عنه مات وهاري لم يزل
صغيراً.. وبعد سنوات تظهر ماري وهي فتاة من اقارب امه سرعان ما تحب هاري
وتتعلق به لكنه لم يبادلها المشاعر فعرفت نفسها غير مرغوب بها. يتزوج هاري
ويغادر ويش وود. لكنه بعد ثماني سنوات يعود ارملاً يدعي انه دفع زوجته الى
عرض البحر وهما على متن سفينة تعبر الاطلسي، لأن زواجه كان خاليا من الحب
كزواج ابيه وكأن التاريخ يعد نفسه. وفي مشهد يجمع ماري وهاري يلخص النصف
الأول من جوهر المسرحية، يذكره ببراءته التي طالما كان مهدداً بانه سيفقدها
على الاغلب، فيخبرها انه كان طيلة الثماني سنوات الماضية يشتاق للعودة الى
ويش وود بحثاً عن براءة طفولته التي عاشها معها، فيسألها إن كانت طفولتها
سعيدة معه. وهنا تكشف له ان سعادتهما لم يكن فيها حرية، كانت مرسومة من قبل
إيمي عدا شيئاً واحداً هو الشجرة الجوفاء التي اعتادا اللجوء اليها بعيداً
عن انظار آثر وجون، لكن ايمي قطعت تلك الشجرة واقامت مكانها بيتاً صيفياً
انقياً لتفرح الأولاد. ويعتقد هاري ان ثمة طريقتين للحياة، احداهما نقية
بريئة وأخرى ملوثة آثمة، او طريقة نقية تتحول الى آثمة من دون ارادته فلا
يمكنه العودة، ويفقد الأمل كلياً. لكن ماري من خلال كلامها معها تفترض
شيئاً من الأمل يتشكل بعودته الى ويش وود، وتظن انه يتوجب عليها تغييره
بكلمات المودة.. ويلخص المشهد الذي يجمعه مع اجاثا النصف الثاني من خلال
محاولة اجاثا ان توضح لهاري ماهية الحب الذي بقي خارج تجربته حتى ذلك الوقت
لأنه يحمل لعنة عائلته اللا حب. وتعلمه نوعان من الحب، حب الارتباط بين
رجل وامرأة، وحب الانفصال عن جميع المخلوقات، حتى ينفصل الشخص عن نفسه..
وبهذا تكون المسرحية قد ركزت على ما يحدث داخل نفس أخضعت لتحليل نفسي وديني
على السواء، بالقدر الذي لا يلغي أي من التفسيرين. لقد كتبت بمصطلحات
معاصرة تكشف عن ادراك المؤلف لانتصارات علم التحليل النفسي الحديث. الخطيئة
الأولى في التعبير المسيحي بدا تجسيدها في الصراع بين الخير والشر. كما
يمكن للتحليل النفسي ان يميز بين الخطيئة وحالة الوهم المرضية. هاري يعتقد
انه قتل زوجته لأن الجريمة في قلبه، لكن احساسه بانتمائه الى عالم آثم يعكس
اسطورة الفساد الموروث.. ومن خلال سياق الاحداث يتم التأكيد على ان هاري
مريض بالوراث وانه قد ورث عصب عامض عن ابيه الذي لم يجب زوجته وكانت لديه
رغبة بقتلها.. وفي نهاية المسرحية يقرر هاري الرحيل بحثاً عن زهد بين
الصخور المتكسرة والشامخة برؤوسها المدببة. ويقلل من تأثير رحيله انه يغادر
الى الفقر مسكوناً مطارداً يفكر بنفسه وبإثم عائلته واحساسة بدنس التكبر
وبشاعة افتقاره للحب، ساخراً ممن ينتمي اليهم، ولم نسمع منه كلمة تعاطف مع
زوجته التي يدعي قتلها، او حتى كلمة ترثي ميتتها المرعبة آخر لحظات غرقها
وحيدة يائسة في ليل الأطلسي البارد، لا يشعر تجاهها بالأسى ولا يعبر عن أي
ندم ولا يطلب المغفرة، ويبقى تحت تأثير لعنة اللاحب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق