بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 8 سبتمبر 2017

الكتابة والحياة سيرة ذاتية لـ علي الشوك

الكتابة والحياة سيرة ذاتية لـ علي الشوك


الكتابة والحياة .. سيرة ذاتية 

لـ علي الشوك

للتحميل : اضغط هنا 

عن الكتاب : وهي سيرة جريئة بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى رغم استئذانه من بعض الشخصيات النسائية، واستعاضته بالأحرف الأولى لشخصيات أخر آثرت البقاء خلف الستائر المُعتِمة لأنها لم تتعلم مواجهة الذات طوال حياتها فكيف تستطيع مواجهة الآخرين؟

قبل أن نلج في تفاصيل هذه السيرة الذاتية الشائكة لابد من الإشارة إلى أن علي الشوك قارئ نهم أحبّ قراءة الأدب والفن واللغة، ولعله انقطع زمنًا طويلاً لقراءة الرواية، وتعلق بأبرز أساطينها أمثال تورغينيف، دستويفسكي، ستندال وغيرهم من الذين تمنى مجاراتهم، والكتابة على غرار ما كتبوه من أعمال إبداعية خالدة مثل "الحب الأول"، و "المقامر" و "الأحمر والأسود".

وُلد علي الشوك في كرادة مريم ببغداد عام 1929، وحين أكمل المرحلة الثانوية أبتُعِث إلى الجامعة الأميركية ببيروت عام 1947 لدراسة الهندسة المعمارية التي لم يخترها بنفسه، وسوف يبدّل اختصاصه في بيركلي ليدرس الرياضيات. أفاد الشوك من بيروت، التي يعتبرها مدرسته الأولى، في التعامل مع اللغة والتاريخ والأسطورة بفضل البروفيسور أنيس فريحة. أما بيركلي التي درس فيها الرياضيات فقد فتحت شهيته على الموسيقى وأتاحت له مشاهدة معظم أوبرات فيردي، وفاغنر، وموتسارت وسواهم من كبار المبدعين الذين سيسهمون في تأسيس ذائقته الموسيقية.

كان الشوك ذا نزعة يسارية منذ أيام بيروت وبيركلي وحينما عاد تلقفه "الرفاق" فانتمى إلى الحزب الشيوعي وتقبّل ظروف العمل السري "عن غير قناعة فطرية"(ص22) لكنه تعرّض للتنكيل في أواخر عام 1956 لأنه لم يقدّم للوزارة أسماء الطلاب الذين تظاهروا مؤيدين تأميم قناة السويس.

لم ينجُ علي الشوك من الازدواجية، فهو ماركسي لكنه ينتمي إلى أسرة إرستقراطية، اشتراكي لكنه لا يمقت العالَم الرأسمالي، طوباوي لكنه يعيش على أرض الواقع ويلهث خلف الحسناوات بحجة الإلهام الروائي. لابد من الوقوف عند علاقته الوطيدة مع الدكتور نوري السعدي، هذا الكائن المتحرر جدًا الذي تماهى مع الشوك وبات يشعر بالعزلة من دونه. دعونا نؤجل الحديث عن المرأة والصداقة ونتوقف قليلاً عند السياسة التي أفضت به بعد انقلاب 1963 إلى السجن في "قصر النهاية" والتعذيب الذي لم يتحمله أكثر من ثلث ساعة فقدّم "اعترافه" ونجا بجلده ليقرر عام 1979 الفرار من "بلد يحكمه رجل مشبوه، ويتصرّف بمصائرنا كما يشاء"(ص160). وسوف تستمر رحلة المنفى وعذاباته إلى تشيكوسلوفاكيا ومنها إلى هنغاريا قبل أن يستقر به المقام بلندن التي تمنحه حق اللجوء السياسي وتتكفل بسكنه ومعيشته إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا.

نساء علي الشوك كثيرات بما فيهن بطلاته الروائيات اللواتي ألهمنهُ جلّ نصوصه الروائية ولكن تظل السيدة هناء أدور أهمهن على الإطلاق ذلك لأن جميع النساء اللواتي تعرّف عليهن "جئن عن طريقها"(ص95). ثم يمضي إلى القول:"إنّ هناء كانت أهم امرأة في حياتي وأقربهن إلى نفسي. وأنا هنا لا أعني بذلك أن هناك حُبًا أو عشقًا بيني وبينها"(ص96). وإنما يعتبرها حضنًا عائليًا ويضعها في مستوى علاقته بنوري السعدي الذي كان يبوح له بكل خلجات مشاعره الأمر الذي أفضى إلى الانسجام الهائل بينهما.

لابد من الإقرار بأن معظم روايات علي الشوك جريئة، ومثيرة للجدل في ثيماتها الرئيسة مثل "أحاديث يوم الأحد"، "مثلث متساوي الساقين"، "فتاة من طراز خاص"، "تمارا"،  "فرس البراري" وبقية الروايات الخمس التي تتمحور حول موضوعات سياسية وثقافية وفنية. وكالعادة فقد استقبلها النقّاد بطرق مختلفة وخاصة رواية "الأوبرا والكلب"، التي قرأها البعض بتعالٍ مثل الناقدة فاطمة المحسن، وبعضهم الآخر استقبلها بمحبة وإعجاب مثل الروائي محمود سعيد. أما رواية "موعد مع الموت" التي استوحاها من حادثة اغتيال الكاتب "كامل شياع" فقد نالت إعجاب الشاعر فوزي كريم وقرأها في ليلة واحدة لأنه وجد فيها أكثر من عامل مشوّق.

يحتاج العالم الروائي الذي خلقه الشوك إلى دراسات معقمة تتناول الثيمات، والشخصيات، واللغة، والبناء المعماري وغيرها من المعطيات الفنية والفكرية والإبداعية التي تتطلب قراءات تفكيكية بِعُددٍ نقدية متطورة جدًا تستطيع أن تبرهن فعلاً بأن "الجمال هو أعظم قوة على وجه الأرض" كما يذهب الروائي الفرنسي أناتول فرانس.

يختم علي الشوك سيرته الذاتية بالقول إنه كَتَبها "بكل تلقائية وصدق"(266) ولا غروَ في أن يعترف في عامه الثامن والثمانين بالتعب، والإجهاد، وانطفاء الجذوة، وضمور الذاكرة وهذه من اشتراطات الشيخوخة التي لن يفلت منها أحد، ومع ذلك فهو يصرخ في المضمار الأخير: "أيتها الأفكار لا تخذليني، ويا صفاء الذهن هلّم إليّ ولو بجزءٍ من طاقاتك"(ص268).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق